Admin Admin
عدد المساهمات : 1144 تاريخ التسجيل : 10/02/2009
| موضوع: الإسْلامُ عِلْمٌ – والجَهْلُ به الدَّاءُ الخميس ديسمبر 08, 2011 3:12 am | |
| "طلب العلم فريضة على كل مسلم" (رواه البيهقي وابن عبد البر)، فريضة أوجبها الله تعالى في أول كلمة من وحيه: ]اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ[ (العلق: 1)، وفيما تتابع من الوحي إلى تمام الرسالة: ]فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْءَانَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ[ (القيامة: 18-19). ثم أمر الله رسولَه الخاتم أن يبينه للناس: ] وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ[ (النحل: 44)، وأمرنا أن نتعلمه ونتدبره: ]كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا ءَايَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأََلْبَابِ[ (ص: 29)، وأن نتسابق في تعلمه وتدبره وأن نعلمه غيرنا: ]وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأََقْرَبِينَ[ (الشعراء: 214)، وفي الحديث الشريف: "بَلِّغُوا عَنِّ وَلَوْ آيَة" (رواه البخاري)، وكذلك: "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَه" (رواه البخاري). · كما أمرنا أن ننشره بين العالمين: ]وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداًً [(البقرة: 143)، كما توعدنا إن تكاسلنا أو تقاعسنا عن إبلاغه: ]إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ[ (البقرة:159). · ثم أمر كل من وصلته الرسالة ونطق بالشهادتين أن يعمل بكل ما شرعه الله في كتابه وسنه بأمر الله رسوله من أحكام وفضائل، وإقامة منهجه الشامل في سائر أمور الحياة: ] يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأََمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً[ (النساء: 59)، و: ]وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[ (الأنعام: 153)، والحديث: "تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا: كِتَابُ اللهِ وَسُنَّتِي،وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَى الحَوْضِ" (رواه الحاكم). · وبهذه الشروط تتحقق "الخيرية" التي وصف الله بها أمة الإسلام؛ التي تجمع المؤمنين حقا من كل جنس ولون ولغة على امتداد الزمان والمكان: ] كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَر ِوَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ[ (آل عمران: 110). وهكذا كانت الأمة حقا عندما أقبلت على "تعلم الإسلام"، ووعت مراميه، ودعت إليه، وانطلقت "تعلمه للناس" على امتداد المعمورة. · ثم مضت قرون اجتمع فيها على الأمة والرسالة شياطين الإنس والجن، يزينون لها الدعاوى الزائفة والمتع الزائلة، ويبثون بينها الفتن والدسائس، ويصرفونها عن العلم النافع إلى الأوهام والأباطيل، حتى انفرط عقد الأمة ثم هيمن عليها أعداء الإسلام عسكريا، وسياسيا، واقتصاديا، وأخيرا فكريا، وصدق الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) إذ قال: "يُوشِكُ أَنْ تَداعَى عَلَيْكُم الأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَما تَداعَى الأَكَلَةُ إلَى قَصْعَتِهَا ُ (رواه أبو داود وأحمد). ولم يبق من وعي الأمة برسالتها وفقهها بدينها إلا القشور وبعض الشعائر، وعاد الإسلام محاصَراً مطارَداً متَّهَماً، تماما كما كان في فجر الدعوة أو أشد، وأصبح الصابر على دينه "كَالقَابِضِ عَلَى الجَمْرِ". وفشت في أهله كل عوارض الجهل: من دعاوى باطلة، وتعصب مذهبي وعرقي وجغرافي، وفرق وجماعات ضالة، ومظاهر شرك ووثنية، واتباع أعمى لأسوأ ما في غير المسلمين من عادات وخصال: "لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الذينَ مِنْ قَبْلِكُم شِبْراً بِشِبْرٍ وذِراعاً بِذِراعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوه" (رواه البخاري ومسلم). · من هذه العجالة يتبين لنا أن مكمن الدواء، ومصدر الغفلة والبلاء هو انحسار الوعي وضحالة العلم والثقافة الإسلامية بين عامة المتعلمين فيما يسمى بظاهرة "الأمية الدينية". وهي لا تقل خطرا إن لم تكن أشد وأنكى من أمية القراءة والكتابة؛ لأن المصابين بها هم "المثقفون" الذين يقودون الفكر والسياسة وكافة الأنشطة ويربون الأجيال، ومن ثم فإن هذه الأمية الدينية هي العامل الأساسي وراء ما آل إليه حال الإسلام وأهله وعالمه اليوم.
| |
|