إن أسوأ ما يعيشه الإنسان أن يعيش تحت ولاية حاكم ظالم مستبد لا يقبل إلا نفسه، ولا يريد لأي شخص يعارضه، فتختفى المعارضة وتختفى الآراء، ويبقى رأيه فقط، ورأى من يوالونه ويؤيدونه؛ فهو عـدو للرأي الآخر، وعـدو للحرية، وعبد للكرسي والعرش والحكم والمال والحرس والجاه والسلطان والسهرات والعلاقـــات، وكل شيء متاح ومباح في سبيل الحفاظ على العرش.
فالحاكم الفاسد والمستبد يعيش في جو غير نظيف
يمتلئ بفيروسات الغـدر والخيانة والقهر والظلم.
إن المُستبد يعمل على تكوين مملكة من التابعين له يسمعون له وينفذون قراراتـــه، ويجبرون الآخـــرين على السمع والطاعة، فليس هناك رأي معارض، ومن يعترض يكون مصيره النفي أو السجن نتيجة تُهم وهمية، فهذه الفئة تعمل على خنوع الشعب للحاكم بالقوة وبالحيلة، فالمواطن العادي يستمد ثقافته من القنوات المتاحة أمامه والتي تدعي أن الحاكم يسير في طريق الحق وفى طريق مصلحة الشعب.
إن الحاكم الظالم قادر على إخضـــاع رجـال الدين ضعاف النفوس
ليقولوا للناس ما يريد أن يقوله، ولكن بلغــة السمع والطاعة.
وأن الاعتراض يمثل اعتراضًا على الله ورسوله.
وقد حدث ذلك أيام الخليفة يزيد بن عبد الملك عندما استفتى الفقهاء: هل يحاسب الله الخليفة؟ فأفتى له أربعون فقيهًا أن الخلقاء لا يحاسبون، بل يدخلون الجنة! وكذلك خطيب معاوية الذي قال: من يعترض على الخليفة فيس له منه سوى سيفه، وشاعر الخليفة الفاطمي الذى قال له أنت الحاكم القاهر.
إن الحاكم المستبد لا يرى نفسه ظالمًا ومستبدًا
بل يرى نفسـه منزهًا عن ذلك ومعصومًا من الخطأ
ويساعـده في هذا التفكير مجموعة من الفاسدين والمنتفعين بوجوده على كرسي الحكم وعرش البلاد؛ فتنتشر الرشاوى والسرقة والاستبداد، ويتحول أشخاص من مهن تافه إلى عمالقة وأصحاب نفوذ في البلاد ومن ينسى أحمد عز؛ من عازف جيتار إلى ملك الحديد في مصر.
المشكلة التي يعاني منها الشعب المظلوم أنهم دائمًا يخافون أن يتحركوا بحجج واهية، وليس لها أساس من الصحة، ولكن يتناســـون أن للحرية ثمن لابد أن يتم دفعه، سواء قطرات دم حمراء أو قطرات دموع بيضاء على الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم فى سبيل الحرية وعدم الخضوع للذل والهوان.
إن الحاكــم المستبـــد يؤسس لنظريــــــة المؤامـــرة
ويبث أركانها وفكرتها من خلال كل القنوات التابعة له
فكل شخص يقول له: كفى أيها المستبد استبدادًا
فيكون خائن وعميل ومُرتش وتابع لأجندة سياسية.
فكل ظالم يقنع شعبه بذلك والعجيب إنه يوجد الكثير يُصدقون تلك المسرحية الهزيلة، ولكن في الواقع إن المؤامرة هو من يقوم بها هذا الظالم ضد شعبه المسكين الذي ذاق الجــــوع والفقـــــر والمرض.
أيها الحاكم الظالم المستبد ستُحاسب على كل قطرة دم نزفت
ولم تأخــــذ حقهـــا وستٌحاســــب على دمـــوع كل مظلوم
لـــم يجـــــــــد حيلــــة ســــوى أن يبكى ويزرف دمعًـــا
لأنه لا يستطيــــــــــــع توفير الطعــــــام أو الـــدواء لأولاده
أيها الحاكم الظالم المستبد كفى استبدادًا وفسادًا في الأرض، وانظر إلى تاريخ الطغاة وكيف كان مصيرهم؟ فانظر إلى فرعون وهتلر والتتار وكل حاكم ظالم، كيف كان مصيره؟ وكيف كانت سيرته وتاريخه حتى الآن؟ فاتق الله في شعبك، وفي حكمك، وفي مصالح الشعب، فأنت الراعي والمسئول عنهم؛ فلا ترمي نفسك في التهلكة، وعليك بمحاسبـــة نفســـك قبــل أن يأتى يوم لا ينفع فيه مال ولا بنـــون ولا سلاح ولا كراسي.
وأنت أيها الإنسان كفاك خنوعًا وذلًا وفقرًا ومرضًا وجوعًا فعبر عن رأيك
ولا تخشى الحاكم وحاشيته الفاسدين فأنت الأقوى فلا تقبل بالذل والهوان
لأنك تملك سلاح الحق الذى يقهر ويحطم حصون الحاكم المستبد الظالم.
أيها الإنسان الذليل الذى تعيش تحت ولاية الحاكم المستبد! لمـــاذا لا تتحرك؟ ولماذا ترضى أن تعيش ذليلًا وأسيرًا وعبدًاً لحاكم ظالم؟ فأنت في كل الأحوال ميت، فإن لم تمت بالسيف ستموت من الجــوع أو المرض أو الفقر، فلماذا لا تموت على مبدأ، وفى سبيل الحق، وفى سبيل حريتك.
الشعب أحيانًا يرضى أن يعيش أسيرًا ومظلومًا وأن يرضع الجوع والفقر والمرض من ثدى الفاسدين خوفًا من المواجهة والوقوف فى وجه الظالم وحاشيته، ولكن ليست المواجهة دائمًا تكون بالسيف والمسدس والرشاش، بل تأتي المواجهة بالسلمية أيضًا فكم من ثورة سلمية أجبرت الطغاة على الرحيل، سواء كان ذلك قديمًا أو حديثًا.
أيها الشعب أنت الوحيد القادر على أن تتخلص من الظلم والاستبداد
بمقاومتك وعدم خنوعك وخوفك من الحاكم الظالم.