أشهر عاشقات التاريخ في كتاب سِفر العشاق
سِفر العشاق ليس سِفْرا من أسفار التوراة التى نزلت على سيدنا موسى عليه السلام والتى تحمل الوصايا العشر لكل البشر بالهداية، بالرحمة، بالعدل، بالخير، بالفضيلة..
ولكنه سفر كما القمر يضىء ليل العشاق ويدفئ قلوب المحبين الذين يذوبون حبا ويتدلهون عِشقا وغراما وهياما.
إنها رحلة وردية سرمدية حالمة حافلة بالأغانى، عامرة بالأمانى فى هذا العصر الذى تجمدت فيه المشاعر وانطوت العواطف وهربت البهجة من العيون وأنقبض صدر الشجن واكتئب الحب..
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]هذا هو ما يقدمه كتاب *سفر العشاق* حيث يجول مؤلفه أ. عزت السعدنى فى عوالم مختلفة، كما لو أنه يركب زورق المحبين الضاحك الباكى الراقص الشاكى ثم يهبط إلى بر الحقيقة ليجلس تحت نفس الشجرة التى كانت تجلس تحتها الجميلة مريت آتون ويسمع كلامها ولهفتها فى انتظار حبيبها الذى ذهب إلى الحرب.. وهى أقدم قصيدة حب مكتوبة عرفها الإنسان قبل نحو أربعة آلاف عام.. تقول الجميلة مريت آتون:
*سأكون فى انتظارك.. دائما فى انتظارك..
فانتظارك هو الأمل الذى أحيا به وأعيش له..
وما دامت تميمة حتحور الجميلة تزين صدرك العريض..
وتوأمها يزين معصمى فالإلّه سيحفظك لتعود سالما إلىّ كما وعدتنى بمحراب المعبد..
سأكون فى انتظارك، سأرتدى أجمل أزيائى كالشجرة التى تتزين بأجمل أزهارها.. وأنضج ثمارها لتستقبل طيور الربيع..
سأكون فى انتظارك كبحيرة البردى التى تزين سطحها..
زهور اللوتس.. وتنتظر البط العائد من رحلة المجهول..
لتضمه إلى أحضانها وتنسيه مشقة الرحلة
سأكون فى انتظارك كعيدان القمح التى تتزين بسنابلها الذهبية لتستقبل طيور السمان.. وتخفيه عن عيون الشر..
سأكون فى انتظارك كزهور عباد الشمس التى تولى وجهها شطر الإلّه من الشروق إلى الغروب وهى تصلى له فيمنحها بركات أشعته وتمنح الحياة أريجها العطرى
يا ليتنى.. أكون زهرة اللوتس التى تزين شعرك.. فاتحة ذراعيها لتستقبل كروان الفجر وتستمتع إلى ترتيله وترددها معه ليحفظك الإلّه فى رحلاتك..
سأكون فى انتظارك كالنخلة التى تزين بقلائد ثمارها المتلألئة الألوان وتعلو برأسها لتسترق إلى همسات النسيم علها تحمل أخبار الغائب.. خلف الأفق البعيد..
سأكون فى انتظارك يا حبيبى.. دائما فى انتظارك.. حتى تعود..
وفى مرحلة أخرى له يطل على ايزادورا فى مقبرتها على نيل المنيا التى أقام عميد الأدب العربى د. طه حسين استراحة له أمام قبرها ليزورها كل أجازة شتاء ويضئ لها الشموع كما كان يفعل حبيبها أحمس من ألاف السنين.. لكى يعيش حكاية تلك الفتاة الرومانية التى أحبت أحمس الضابط المصرى.. وعندما عَلِمَ أبوها القائد الرومانى بقصة هذا الحب حبسها داخل أسوار قلعة فى جزيرة وسط النيل.. فهربت ذات ليلة بزورق صغير لكى تلقى حبيبها ولكنها بعد اللقاء ارتمت فى أحضان النيل مفضلة الرحيل على أن تحيا على البر الآخر بعيدا عن حبيبها..
ثم يأتى الكاتب بمشهد ميلودرامى قرآنى بالغ الروعة والعظة والحكمة، جرى على أرض مصر منذ ألاف السنين، هذا المشهد الذى عاشه نبى الله يوسف عليه السلام عندما أحبته زليخة *امرأة العزيز* حبا جما ملك عليها فؤادها وراودته عن نفسها، وكيف أنه فضل السجن على أن يقع فى الفحشاء. ويأخذنا الكاتب معه إلى مكان الأحداث مدينة أون، أم الحضارات قبل ألاف السنين. هذا المكان الذى، كما تقول التوراة، عاش فيه سيدنا يوسف فترة ليست بالقصيرة ومنحه فرعون مصر اسما فرعونيا هو *صفنات فعنبح* وفيه تزوج من ابنة الكاهن الأكبر *فوطيفارع* وأنجب ولديه *منسيا وافرايم*.
ويأتى الكاتب ليأخذنا معه مرة أخرى إلى مدينة مأرب *صحراء اليمن* حيث أُكتشف منذ عدة سنوات جزءا من مدينة سبأ *عاصمة ملك الملكة بلقيس* زمان سيدنا سليمان * نبى الله وصاحب أعظم مملكة فى التاريخ*، وهنا يروى لنا المؤلف اللقاء الساحر الذى جمع بين الملكين وكيف أن هذا اللقاء تعددت حوله الأقاويل والأساطير والتى دار معظمها حول علاقة حب وأنسجام ورومانسية جمعت بين الملكين، هذه الأقاويل التى ما أنزل الله بها من سلطان والتى لم ترد فى أى كتاب سماوى.
وكلما قلبنا صفحات كتاب سِفر العشاق نلتقى مع قصص العشق والعاشقين.. فها هو رمسيس الأكبر*ملك الملوك* الذى يطل علينا من معبده فى أبو سمبل ليروى لنا قصة عشقه وهيامه لزوجته جميلة الجميلات نفرتارى التى أقام لها معبد باسمها إلى جوار معبده ونحت لها أجمل مقبرة على وجه الأرض فى وادى الملكات فى البر الغربى فى الأقصر.. وكيف أنها استحوذت على قلبه ومشاعره طوال فترة زواجهما وحتى بعد موتها وهى فى ريعان شبابها فظل حبها محفورا فى قلبه، عائشا على أمل لقائها ثانية فى العالم الآخر ليعيشا معا حياة أبدية، لا فراق فيها أبدا!
ثم يحجز لنا عزت السعدنى مقعدا فى الطائرة المتجهة إلى فينسيا يرافقنا أجدادنا وجداتنا أصحاب أعظم حضارة على وجه الأرض ليروى لنا كل منهم قصته فى هذه الحياة فها هو اخناتون العظيم صاحب أول رسالة توحيد وزوجته الجميلة نفرتارى وقصة حب لا تموت أبدا، والملك أحمس موحد القطرين ، والملكة حتشبسوت أول ملكة تجلس على عرش مصر وتحكمه، فوراء كل ملك أو ملكة من هؤلاء العظام قصص وسنوات من الحب كانت مصدر سعادة وشقاء فى الوقت نفسه، نتعرف عليها ونخوض فيها مع تقليب سٍفرنا.
وتطل علينا كليوباترا أشهر عاشقة جلست على عرش مصر التى أحبها أقوى رجلين فى عصرها هما: يوليوس قيصر ومارك أنطونيو التى أحبته وعشقته وفضلت أن تموت بلدغة أفعى حتى لا تقع تحت رحمة غريمة أوكتافيوس!
ثم نجلس على مقهى تيتيان على مياه مدينة البندقية، لتطل علينا الجميلة ديدمونه وحبيبها عطيل ليرويا لنا قصة حبهما، وأسباب هذه النهاية المأساوية، بقتل المحبوب حبيبته بيده شكا منه فى خيانته، وتأكيدها لنا بأن الشخص الذى يحب لا يخون أبدا!.
ثم ينقلنا الكاتب إلى حى محمد على منذ ما يزيد على مائة عام، لنتقابل مع الشيخ على يوسف، الخصم الثانى والمُدعى عليه فى أشهر قضية زواج عرفها المجتمع المصرى، وكيف أن القضاء حكم بالتفريق بينه وبين زوجته صفية بنت الشيخ عبد الخالق السادات، لمجرد أنه كان من أصل فقير ولأنه كان يعمل بمهنة الصحافة، وكيف تصدى لكل هذه العادات والتقاليد متمسكا بحبه، حتى سقط الحكم واجتمع مع معشوقته. خائضا حربا شرسة من أجل عيون صفية!
فسِفْر العشاق الذى كتبه عزت السعدنى، هو دليل كل عاشق ومصباح كل محب فى محراب المرأة .. ظالمة كانت أو مظلومة.. ولكنها دائما ستظل فى حياتنا.. الشمس والقمر.. والمتعة والعذاب.. والداء والدواء معا.