Admin Admin
عدد المساهمات : 1144 تاريخ التسجيل : 10/02/2009
| موضوع: القَبْض في الفقه الإسلامي الأربعاء نوفمبر 16, 2011 11:26 pm | |
| آثار القبض في العقود : أهمّ آثار القبض في العقود هو انتقال ضمان المقبوض إلى القابض ، وتسلّطه على التّصرّف فيه ، ووجوب بذل عوضه للمقبوض منه ، وذلك على التّفصيل التّالي : الأثر الأوّل : انتقال الضّمان إلى القابض : المراد بالضّمان الّذي ينتقل إلى القابض : هو تحمّله لتبعة الهلاك أو النّقصان أو التّعييب الّذي يطرأ على المقبوض في أحد عقود الضّمان ، وهي هنا : البيع والإجارة والعاريّة والرّهن والنّكاح فيما يخصّ الصّداق أوّلاً : ضمان المبيع في العقد الصّحيح اللازم : اختلف الفقهاء فيمن يكون عليه ضمان المبيع قبل القبض وبعده ، وهل يكون في ضمان البائع قبل أن يقبضه المشتري ، بحيث لا ينتقل ضمانه إلى المشتري إلاّ بالقبض ، أم أنّه يدخل في ضمانه بالعقد ، سواء قبضه أم لم يقبضه ؟ فذهب الحنفيّة والشّافعيّة إلى أنّ المبيع يكون في ضمان البائع قبل أن يقبضه المشتري ، فإذا قبضه انتقل الضّمان إليه بالقبض ، لأنّ موجب العقد انتقال ملكيّة المبيع إلى المشتري ، وذلك يقتضي إلزام البائع بتسليم المبيع إلى المشتري وفاءً بالعقد ، لأنّ الملك لا يثبت لعينه ، وإنّما يثبت وسيلةً إلى الانتفاع بالمملوك ، ولا يتهيّأ الانتفاع به إلاّ بالتّسليم ، فكان إيجاب الملك في المبيع للمشتري إيجاباً لتسليمه له ضرورةً . وفرّق المالكيّة بين ما يكون فيه حقّ توفية من المبيعات من كيل أو وزن أو ذرع أو عدّ ، وبين ما لا يكون فيه ، بحيث وافقوا الحنفيّة والشّافعيّة في اعتبار المبيع في ضمان البائع قبل القبض ، ودخوله في ضمان المشتري بالقبض إذا كان فيه حقّ توفية . واختلفوا في التّفصيلات والتّفريعات في حالة هلاك المبيع ، ذلك أنّ المبيع إمّا أن يكون أصلاً ، وإمّا أن يكون تبعاً ، وهو الزّوائد المتولّدة عن المبيع ، فإن كان أصلاً ، فلا يخلو : إمّا أن يهلك كلّه وإمّا أن يهلك بعضه ، وكلّ ذلك لا يخلو : إمّا أن يهلك قبل القبض ، وإمّا أن يهلك بعده ، والهلاك في هذه الحالات إمّا أن يكون بآفة سماويّة ، أو بفعل البائع ، أو بفعل المشتري ، أو بفعل المبيع ، أو بفعل أجنبيّ . ثانياً : ضمان المؤجّر : أ - الضّمان في إجارة الأعيان : لا خلاف بين الفقهاء في أنّ العين المؤجّرة وكذا منافعها المعقود عليها تكون قبل القبض في ضمان المؤجّر ، كما أنّه لا خلاف بينهم في أنّ ضمان العين لا ينتقل إلى المستأجر بعد القبض ، وأنّها تكون أمانةً في يده ، فإن تلفت من غير تعدّيه أو تفريطه ، فلا ضمان عليه ، وذلك لأنّه قبض مأذون فيه ، فلا يكون موجباً للضّمان ، كالوديعة ، ولأنّ المستأجر قبض العين لاستيفاء منفعة يستحقّها منها ، فلا يضمنها ، كما إذا قبض النّخلة الّتي اشترى ثمرتها ، نصّ على ذلك الحنفيّة والشّافعيّة والمالكيّة والحنابلة ، قال ابن قدامة : ولا نعلم في هذا خلافاً . ب - الضّمان في إجارة الأعمال : ذكر الفقهاء أنّ الأجير في الإجارة الواردة على العمل قسمان : خاصّ ومشترك ضمان الأجير الخاصّ : اتّفق الحنفيّة والشّافعيّة والمالكيّة والحنابلة على أنّ الأجير الخاصّ لا يضمن ما بيده من مال المؤجّر ، بل يكون ما في يده أمانةً لا يضمنه إن تلف إلاّ بالتّعدّي أو التّفريط ، لأنّه نائب عن المالك في صرف منافعه إلى ما يأمره به ، فلم يضمن من غير تعدّ أو تقصير ، كالوكيل والمضارب . ضمان الأجير المشترك : اختلف الفقهاء في كون الأجير المشترك ضامناً لما يكون تحت يده من أعيان المستأجر على أربعة أقوال : الأوّل : وهو التّفريق بين ما تلف بفعل الأجير المشترك وبين ما تلف بغير فعله ، بحيث إذا كان التّلف بفعله فإنّه يكون ضامناً له ، سواء أكان متعدّياً أم غير متعدّ ، قاصداً أم مخطئاً . أمّا ما تلف بغير فعله ، فلا يضمنه إن لم يكن منه تعدّ أو تفريط ، وهذا هو رأي الحنابلة على الصّحيح في المذهب ، وقول أبي حنيفة . وقد خالفه في ذلك الصّاحبان أبو يوسف ومحمّد ، وذهبا إلى تضمين الأجير المشترك بالقبض مطلقاً ، إلاّ إذا وقع التّلف بسبب لا يمكنه الاحتراز عنه . والثّاني : للمالكيّة ، وهو أنّ الأصل في يد الأجير المشترك أنّها يد أمانة ، ولكنّ لمّا فسد النّاس وظهرت خيانة الأجراء ضمن الصّنّاع وكلّ من تقتضي المصلحة العامّة تضمينه من الأجراء المشتركين حيث تقوم به التّهمة . والثّالث : للشّافعيّة في الأظهر ، وهو أنّ يد الأجير المشترك يد أمانة . والرّابع : قول لبعض الشّافعيّة ، وهو أنّ العين تدخل في ضمان الأجير المشترك بالقبض ، فإن هلكت عنده وهو منفرد باليد ، ضمن هلاكها ولو لم يتعدّ أو يفرّط ، وذلك لفساد النّاس وخيانة الأجراء ، أمّا إذا لم يكن الأجير منفرداً باليد فلا ضمان عليه عندئذ ، لأنّ المال غير مسلّم إليه حقيقةً . ثالثاً : ضمان العاريّة : لا خلاف بين الفقهاء في أنّ العاريّة مضمونة على مالكها ما دامت في يده ، فإن هلكت كان هلاكها من ماله ، أمّا إذا قبضها المستعير ، ففي انتقال ضمانها إليه بالقبض خلاف . رابعاً : ضمان المرهون : لا خلاف بين الفقهاء في أنّ المرهون يكون في ضمان الرّاهن قبل أن يقبضه المرتهن منه ، لأنّه ملكه وتحت يده ، أمّا إذا قبضه المرتهن ، ففي انتقال ضمانه إليه خلاف . خامساً : ضمان المهر المعيّن : اختلف الفقهاء في اعتبار قبض الزّوجة لمهرها بعد تعيينه ناقلاً لضمانه من الزّوج إليها على قولين : أحدهما : للمالكيّة والحنابلة ، وهو أنّ ضمان المهر المعيّن كالعبد والدّار والماشية وما شابه ذلك إذا كان محدّداً بذاته في عقد النّكاح الصّحيح يكون على الزّوجة قبل أن تقبضه من الزّوج وبعده ، فلو هلك بغير تعدّيه أو تفريطه ، كان هلاكه عليها بمجرّد العقد ، وليس للقبض أي أثر في ذلك ، لأنّ الضّمان من توابع الملك ، وقد ملكته بالعقد . والثّاني : للحنفيّة والشّافعيّة ، وهو أنّ ضمان المهر المعيّن يكون على الزّوج قبل أن يسلّمه لزوجته ، فإذا قبضته انتقل الضّمان إليها . الأثر الثّاني : التّسلّط على التّصرّف : اتّفق الفقهاء على جواز التّصرّف في الأعيان المملوكة بعد قبضها ، لكنّهم اختلفوا في مشروعيّة التّصرّف فيها قبل قبضها ، سواء ملكت ببيع أو بغيره من الأسباب الموجبة للملك ، وقد فرّقوا في ذلك بين التّصرّف فيها بالبيع وبين التّصرّف فيها بغيره من ضروب التّصرّفات ، وحاصل كلامهم في هذه القضيّة ينحصر في ثلاث مسائل : المسألة الأولى : بيع الأعيان المشتراة قبل قبضها : اختلف الفقهاء في حكم بيع الأعيان المشتراة قبل قبضها على ستّة أقوال : أحدها : لا يجوز بيع المشترى قبل قبضه مطلقاً ، مطعوماً كان أو غير مطعوم ، عقاراً كان أو منقولاً ، سواء بيع مقدّراً أو جزافاً ، وبهذا قال جمهور الفقهاء من الشّافعيّة وبعض الحنابلة والثّوريّ ومحمّد بن الحسن الشّيبانيّ وغيرهم . والقول الثّاني : لا يجوز بيع المشترى قبل قبضه ، مطعوماً كان أو غير مطعوم ، وسواء بيع مقدّراً أم جزافاً ، إلاّ العقار الّذي لا يخشى هلاكه ، فيجوز بيعه قبل قبضه ، فإن تصوّر هلاكه ، بأن كان علوّاً أو على شطّ نهر ونحو ذلك ، لم يصحّ بيعه كسائر المنقولات ، وبهذا قال أبو حنيفة وأبو يوسف ، وهو المفتى به عند الحنفيّة . القول الثّالث : يجوز بيع المشترى قبل قبضه إن لم يكن مطعوماً ، فإن كان مطعوماً فلا يجوز بيعه قبل قبضه إذا كان فيه حقّ توفية - من كيل أو وزن أو ذرع أو عدّ - سواء أكان الطّعام ربويّاً أم غير ربويّ ، أمّا ما اشتراه جزافاً - أي من غير معرفة قدره على التّحديد - فيجوز بيعه قبل قبضه ، ولكن بشرط تعجيل الثّمن ، كي لا يؤدّي إلى بيع الدّين بالدّين ، وهذا هو القول المشهور في مذهب المالكيّة . القول الرّابع : يجوز بيع غير المطعوم قبل قبضه ، أمّا المطعوم فلا يجوز بيعه قبل قبضه مطلقاً ، سواء اشتري جزافاً أو مقدّراً بكيل أو وزن أو ذرع أو عدّ ، وهو رواية عن مالك ، وبه أخذ بعض المالكيّة . القول الخامس : لا يجوز بيع ما اشتراه مقدّراً بكيل أو وزن أو ذرع أو عدّ قبل قبضه ، سواء كان مطعوماً أو غير مطعوم ، فإن اشتري بغير تقدير جاز بيعه قبل قبضه ، وهذا هو القول المشهور عن أحمد والمعتمد في مذهب الحنابلة . القول السّادس : جواز البيع قبل القبض مطلقاً سواء أكان المبيع عقاراً أم منقولاً ، وسواء أكان مطعوماً أو غير مطعوم ، وسواء أكان فيه حقّ توفية أم لم يكن ، وبهذا قال عثمان البتّيّ . قال ابن عبد البرّ : هذا قول مردود بالسّنّة والحجّة المجمعة على الطّعام ، وأظنّه لم يبلغه هذا الحديث ، ومثل هذا لا يلتفت إليه . المسألة الثّانية : بيع الأعيان المملوكة بغير الشّراء قبل قبضها : اختلف الفقهاء في حكم بيع ما ملك بغير الشّراء قبل قبضه على أقوال : الأوّل : للحنفيّة ، وهو أنّ كلّ عوض ملك بعقد ينفسخ العقد بهلاكه قبل القبض لا يجوز بيعه قبل قبضه ، كالأجرة وبدل الصّلح إذا كان منقولاً معيّناً ، وكلّ عوض ملك بعقد لا ينفسخ العقد بهلاكه قبل القبض يجوز بيعه قبل قبضه ، كالمهر وبدل الخلع وبدل العتق وبدل الصّلح عن دم العمد . والثّاني : للمالكيّة ، وهو أنّ العقود على ضربين : معاوضة ، وغير معاوضة . فما ملك بعقد ليس فيه معاوضة كالقرض يجوز بيعه قبل قبضه مطلقاً ، وما ملك بعقد معاوضة ، فإن ملك بما يختصّ بالمغابنة والمكايسة ، كالبيع ونحوه لا يجوز بيعه قبل قبضه إن كان طعاماً فيه حقّ توفية ، كي لا يفضي إلى بيع العينة ، وإن ملك بعقد يتردّد بين قصد الرّفق والمغابنة ، فإن وقع على وجه الرّفق ، يجوز بيعه قبل قبضه ، وإن وقع على وجه المغابنة ، كان حكمه حكم ما يختصّ بقصد المغابنة . والثّالث : للشّافعيّة ، وهو أنّ الأعيان المستحقّة للإنسان عند غيره ضربان : أمانة ومضمونة ، فالأمانة يجوز للمالك بيعها قبل قبضها ، لأنّ ملكه فيها تامّ . والمضمون نوعان : الأوّل : المضمون بالقيمة ، ويسمّى ضمان اليد ، فيصحّ بيعه قبل قبضه لتمام الملك فيه . والثّاني : المضمون بعوض في عقد معاوضة ، ويسمّى ضمان العقد ، فلا يصحّ بيعه قبل قبضه . والرّابع : للحنابلة ، وهو أنّ كلّ عوض ملك بعقد ينفسخ بهلاكه قبل القبض - كأجرة معيّنة في إجارة ، وعوض معيّن في صلح ونحو ذلك - لا يجوز بيعه قبل قبضه إذا كان فيه حقّ توفية من كيل أو وزن أو ذرع أو عدّ ، وكذا ما لا ينفسخ العقد بهلاكه - كعوض خلع وعتق وكمهر ومصالح به عن دم عمد وأرش جناية وقيمة متلَف - فإنّه لا يجوز بيعه قبل قبضه إذا احتاج لتوفية ، وأمّا ما ليس فيه حقّ توفية فيجوز بيعه قبل القبض ، وكذا كلّ ما ملك بإرث أو وصيّة أو غنيمة وتعيّن ملكه فيه ، فإنّه يجوز بيعه قبل قبضه ، لأنّه غير مضمون بعقد معاوضة ، فملكه غير تامّ ، ولا يتوهّم غرر الفسخ فيه ، وأمّا ما كان قبضه شرطاً لصحّة عقده ، كرأس مال السّلم والبدلين في الصّرف فلا يصحّ بيعه ممّن صار إليه قبل قبضه ، لأنّه لم يتمّ الملك فيه ، فأشبه التّصرّف في ملك غيره . المسألة الثّالثة : التّصرّف بغير البيع في الأعيان المشتراة قبل قبضها : اختلف الفقهاء في حكم التّصرّف بغير البيع في الأعيان المشتراة قبل قبضها على أربعة أقوال : الأوّل : للحنفيّة وهو أنّه يجوز التّصرّف في المبيع قبل قبضه بالهبة والصّدقة والإقراض والرّهن والإعارة والوصيّة والعتق والتّدبير والاستيلاد والتّزويج ، أمّا إجارته فلا تجوز مطلقاً . والثّاني : للمالكيّة ، وهو أنّه يجوز التّصرّف في المبيع قبل قبضه بسائر التّصرّفات إن لم يكن مطعوماً ، أو كان مطعوماً ولكن ليس فيه حقّ توفية من كيل أو وزن أو عدّ ، أمّا الطّعام الّذي يكون فيه حقّ توفية ، فلا يجوز التّصرّف فيه بأيّ عقد من عقود المعاوضة قبل قبضه ، أمّا بغير المعاوضة ، كهبة وصدقة وقرض وشركة وتولية ، فيجوز التّصرّف فيه قبل أن يقبض . والثّالث : للشّافعيّة ، وهو أنّه لا يجوز التّصرّف في المبيع قبل قبضه بأيّ نوع من أنواع التّصرّفات ، كالإجارة والكتابة والهبة والرّهن والإقراض ، أو جعله صداقاً أو أجرةً أو عوضاً في صلح أو رأس مال سلم ونحوها ، وذلك لضعف الملك ، إلاّ العتق والتّدبير والاستيلاد والتّزويج والقسمة والوقف ، فيجوز ذلك قبل القبض . والرّابع : للحنابلة ، وهو أنّ ما اشتري من المقدّرات بكيل أو وزن أو ذرع أو عدّ لا يجوز التّصرّف فيه قبل قبضه بإجارة ولا هبة ولا رهن ولا حوالة ، قياساً على بيعه ، لأنّه من ضمان بائعه ، فلا يجوز فيه شيء من ذلك ، ولكن يصحّ عتقه وجعله مهراً وبدل خلع وكذا الوصيّة به قبل أن يقبض ، وذلك لاغتفار الغرر في هذه التّصرّفات . أمّا ما اشتري جزافاً من غير تقدير ، فيجوز التّصرّف فيه قبل قبضه مطلقاً بأيّ ضرب من ضروب التّصرّفات ، وذلك لحديث ابن عمر رضي الله عنهما : « كنت أبيع الإبل بالبقيع ، فأبيع بالدّنانير وآخذ الدّراهم ، وبالعكس ، فسألت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال : لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ، ما لم تفترقا وبينكما شيء » ، إلاّ ما بيع بصفة أو رؤية متقدّمة ، فلا يجوز التّصرّف فيه قبل قبضه ، قال البهوتيّ : لأنّه تعلّق به حقّ توفية ، فأشبه المبيع بكيل ونحوه . الأثر الثّالث : وجوب بذل العوض : من الآثار الهامّة لقبض أحد البدلين في عقود المعاوضات وجوب بذل العوض المقابل معجّلاً من قبل القابض ، حتّى تترتّب على العقد ثمراته ، وتتحقّق مقاصده وغاياته ، ما لم يكن هناك اتّفاق بين العاقدين على تأخيره ، فعندئذ لا يلزمه تعجيله ، لرضا مستحقّه بالتّأجيل ، وبيان ذلك فيما يأتي : أوّلاً : في البيع : لا خلاف بين الفقهاء في أنّ كلّ واحد من العاقدين في البيع إذا قبض البدل الّذي استحقّه بالعقد ، يجب عليه بذل عوضه للطّرف الثّاني دون تأخير ، تنفيذاً للعقد ووفاءً بالالتزام ، وحتّى يتمكّن كلّ واحد من المتبايعين من الانتفاع بما ملكه بالعقد ، إذ الملك لم يثبت لذاته ، وإنّما ثبت وسيلةً إلى الانتفاع بالمملوك ، ولا يتهيّأ الانتفاع به إلاّ بقبضه ، تحقيقاً للمعادلة والمساواة الّتي يقتضيها العقد وينبني عليها ، وذلك ما لم يكن هناك اتّفاق بين العاقدين على تأجيل البدل الآخر ، فعندئذ لا يجب على قابض البدل المعجّل تسليم عوضه حتّى يحلّ أجله ، لرضا الطّرف الآخر بالتّأجيل وتنزّله عن حقّه بالتّعجيل . ويستثنى من ذلك عقد الصّرف وبيع الأموال الرّبويّة الّتي تجمعها علّة ربويّة واحدة ببعضها ، فإنّه لا يجوز للقابض تأخير تسليم عوض ما قبضه ، ولو رضي مستحقّه بتأخيره ، لوجوب التّقابض بين البدلين في مجلس العقد لحقّ الشّرع ، إذ يترتّب على تأخير أحدهما ولو بالتّراضي ربا النَّساء . ثانياً : في الإجارة : ذهب الفقهاء على اختلاف مذاهبهم إلى وجوب بذل العوض في عقد الإجارة إذا قبض العاقد بدله ، ما لم يكن هناك اتّفاق بين العاقدين على تأجيل العوض ، فيتّبع الشّرط ويراعى الاتّفاق عنده ، وإن كانت كيفيّة التّسليم مختلفةً بحسب نوع المنفعة المعقود عليها - إجارة أعيان أو إجارة أعمال - ، وبما يتناسب مع طبيعة المنافع من كونها أعراضاً تحدث شيئاً فشيئاً ، وآناً فآناً على حدوث الأزمان . ثالثاً : في الصّداق : اتّفق الفقهاء على أنّ الرّجل إذا سلّم زوجته مهرها المعجّل ، فإنّه يجب عليها أن تمكّنه من نفسها إذا طلب ذلك منها . أمّا إذا لم يدفع إليها مهرها المعجّل ، فهل يكون للزّوجة الحقّ في الامتناع عن تمكين الزّوج من نفسها حتّى تقبضه ؟ لقد فرّق الفقهاء في هذه الصّورة بين حقّها في ذلك قبل الدّخول بها ، وبين حقّها فيه بعده
| |
|