الحب الكبير
عدد المساهمات : 114 تاريخ التسجيل : 22/06/2011
| موضوع: فماذا عن مصر بعد الثورة؟ وما هي الأدوار المنوطة بقيادات القوات المسلحة في المرحلة الراهنة ؟ الإثنين أكتوبر 17, 2011 12:39 am | |
| طالعتنا ثورة الشباب بوجه جديد لمصر، فماذا عن مصر بعد الثورة؟ وما هي الأدوار المنوطة بقيادات القوات المسلحة في المرحلة الراهنة ؟ وحول الحقبة الجديدة في مصر بعد إعلان تنحي الرئيس "محمد حسني مبارك"، أوضحت صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية الأسبوعية في افتتاحيتها أن مهمة القادة العسكريين في الوقت الحالي هي المساعدة في تنفيذ مطالب الشعب. وفيما يلي نص المقال التحليلي الذي جاء تحت عنوان "مصر: بعد الثورة .. صندوق الاقتراع": تمكنت مصر من إزاحة الرئيس"حسني مبارك". ولكن هذا ليس ضمانًا على أن الحياة الديموقراطية ستعقب ذلك ولكنه قفزة جسورة تجاه هذا الهدف. وقد عرفت الجموع التي احتشدت في شوارع القاهرة ومدن أخرى أنه لن يكون هناك أي تقدم طالما كان الرئيس الذي دام حكمه 30 عامًا مستمرًا. أما العزيمة السلمية التي لا تتزعزع التي فرضوا بها ذلك المطلب فهي مصدر إلهام لمن يثمنون الديموقراطية وتحذيرًا واضحًا لمن هم غير ذلك.
والقوة المطردة للحشود هي أيضًا عاملاً حيويًا في التسوية السياسية التي ستبرز خلال الأيام المقبلة. ففي غضون ساعتين من استقالة السيد مبارك، أدرك الجيش الذي تولى السلطة أن الموافقة الشعبية وحدها يمكنها أن تضفي الشرعية على حكومة مصر القادمة. وهذا امتياز كبير.
لقد أصرت الأمة على تغيير النظام، والتزم بذلك القادة العسكريون؛ وهو ما يجعل ذلك هجينًا من ثورة شعبية وانقلاب عسكري. إن التحرر سبب للاحتفال، ولكن دور الجيش ينبغي أن يلطف من الحماس غير العملي. فقد تعرقل الهرم السياسي والعسكري المصري. ولم يمسك شخص ذي خلفية مدنية دفة البلاد منذ تأسيس الجمهورية الحديثة عام 1952.
والجيش المصري مؤسسة تحظى بالاحترام كما تعززت مكانته أكثر عندما اتخذ قادته قرارات سابقة بعدم التحرك ضد المحتجين. إلا أن نشطاء الديموقراطية مدركون أن الجيش يتصرف بما يخدم مصالحه، كما فعل من قبل عندما دعم السيد مبارك على مدى أجيال.
وهناك اختلاف جوهري بين نوع الحركة السياسية التي مثلها الناشطون في ميدان التحرير ونوع الدولة التي يقوم بإدارتها العسكريون. وليس هناك تضاد أوضح من التضاد بين "وائل غنيم"- المدير التنفيذي لجوجل البالغ من العمر 30 عامًا الذي أصبحت صفحاته على موقع فيسبوك بمثابة نقطة حشد رقمية ضد القمع- وبين المشير "محمد حسين طنطاوي"- قائد المجلس الأعلى للقوات المسلحة البالغ من العمر 75 عامًا- والذي يتولى إدارة مصر رسميًا في الوقت الحالي. وليس هناك دلائل على أي خطط للجيش بالتراجع عن تعهداته بتسهيل الانتقال إلى الحكم الشعبي. غير أنه في غياب المؤسسات المدنية الناضجة، فإن المخاوف من انزلاق البلاد إلى الفوضى قد تؤدي بقادة الجيش إلى أن يخلصوا إلى أن الديموقراطية مشروع على المدى الطويل.
وهناك بالفعل موعد نهائي. فقد تعهد السيد مبارك، بينما كان لا يزال متمسكًا بمنصبه، بانتخابات حرة في سبتمبر المقبل. غير أن ذلك كان بمثابة انتظار طويل بالنسبة للمصريين الذين أرادوا تنحي الرئيس على الفور. إلا أن هناك مناقشات معقولة الآن للتخطيط لإجراء الاقتراع وفق جدول زمني دقيق. حيث يتعين أن يتم تعديل الدستور وتفكيك الأجهزة القمعية في الدولة.كما أن هناك سجناء سياسيون للإفراج عنهم وقوانين رقابية لإلغائها.
وقد أوضح المصريون على مدى 18 يومًا شغفًا بحرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات، إلا أن عملية تحويل تلك النبضات إلى سياسات حزبية ليست سهلة. فمن الناحية التقليدية، تُعد أكثر جماعات المعارضة تنظيمًا هي جماعة "الإخوان المسلمين"؛ التي أثارت مؤهلاتها الإسلامية قلق الدبلوماسيين والسياسيين الغربيين. ولكن على الرغم من أن "الأخوان المسلمين" يمثلون جزءً هامًا من الائتلاف المناهض لمبارك، فليس هناك أي دلائل على وجود مؤامرة أصولية لاختطاف الثورة. فقد حملت الأعلام في ميدان التحرير ألوان الجمهورية العلمانية؛ حيث كانت الأنشودة المختارة من قبل الحشود هي النشيد الوطني. وسوف يبرز الإسلام في أي تسوية سياسية في مصر؛ لكونه ديانة الغالبية العظمى من الشعب. ولا يمكن استبعاد الجماعات الدينية بعيدًا عن عملية الإنعاش الوطني. والأمل معقود في أن وجود دستور ديموقراطي سوف يغذي تيار الاعتدال ويهمش التطرف. وكذلك فالثورة المصرية لم يظهر منها أي ميل للعنف. وفي أفضل الأحوال، ستكون الآليات الديموقراطية قائمة قبل حلول سبتمبر المقبل. وبالتأكيد، لن يكون الجيش مستمرًا في إدارة الشئون بعد ذلك الحين. إن ما يحدث بالقاهرة يجرى التدقيق فيه بعناية في دول الجوار التي يترأسها زعماء ربما تكون قبضتهم على السلطة بنفس هشاشة سلطة السيد مبارك. فقد اشتبك متظاهرون مؤيدون للديموقراطية في الجزائر مع شرطة مكافحة الشغب الحكومية. في الوقت نفسه، فإن هناك كذلك مؤشرات مثيرة للقلق من تونس؛ التي أطاحت فيها انتفاضة شعبية في يناير الماضي بالرئيس "زين العابدين بن علي". وقد كانت تلك الثورة مصدر إلهام للشعب المصري، إلا أن تحرر التونسيين لم يتم تعزيزه؛ حيث تجد اللجنة المشرفة على إدارة عملية الانتقال إلى الديموقراطية أن سلوكيات الاستبداد صعبة العزل. ولكن الوضع في مصر أكثر تعقيدًا نظرًا لانخراط الجيش في الاقتصاد؛ حيث يتحكم الجيش في مساحات كبيرة من الأراضي كما يملك حصصًا في الأعمال التجارية تمتد من السياحة وحتى إنتاج زيت الزيتون. وهو ما يخلق تضاربًا واضحًا في المصالح. فمن المنتظر من الجيش في الوقت الراهن أن يدير عملية تحرير سياسي، إلا أن ذلك سيكون من الصعب توفيره دون تغيير اقتصادي. فقد كانت كلاً من البطالة والتضخم دافعين أساسيين لاندلاع الثورة الشعبية. والرد الأمريكي سوف يكون ذي أهمية بالغة في هذا الصدد. فقد تردد "باراك أوباما" على نحو غير ملائم بينما كان السيد مبارك يترنح؛ حيث ظهر البيت الأبيض مترددًا بصورة واضحة في شطب حليف قديم، بينما في الوقت نفسه كان متحمسًا لكي يُنظر إليه على أنه مؤيد لمبدأ الديموقراطية. وقد فقد السيد أوباما مشاعر ودية محتملة في شوارع القاهرة بسبب مراوغته. وينبغي عليه ألا يكرر ذلك الخطأ بغض الطرف عن الركود الاقتصادي والسياسي. إن المساعدات الأمريكية هي مصدر هام من مصادر دخل الجيش المصري؛ ويجب على السيد أوباما أن يشدد على ذلك الوتر لضمان سير وتيرة الإصلاح بخطى سريعة.
ويمكن للثورات الشعبية أن تثير نوعًا من الإعجاب سرعان ما يتحول إلى قلق. فعندما تندفع السلطة إلى خارج القصور الرئاسية وتمضي إلى الشوارع، فإن أكثر المرشحين استحقاقًا ليسوا دائمًا من يستعيدونها. ويتعين على حلفاء مصر مساعدة البلاد على تقاسم ثمرة الحرية السياسية بصورة عادلة وكذلك مقاومة إغراء لعب دور مدير طاقم الممثلين؛ لاختيار الممثلين في الدراما الجارية والتحكم بأدوارهم على خشبة المسرح.
لقد كانت الاحتفالات الحاشدة بتنحي السيد مبارك سلمية تعبيرًا عن الوحدة والتضامن، وأهم من كل شيء عن التفاؤل. إلا أن تلك الروح يمكن أن تتبدد بسرعة إذا ما شعر المصريون أن إرادتهم يتم انتقادها أو إضعافها بالتدخلات الأجنبية. وقد أثبت الشعب حتى الآن أنهم أفضل قضاة لما هو في الصالح الوطني. إن مهمة القادة العسكريين وضرورات السياسة في البيت الأبيض هي المساعدة على تنفيذ مطالب الثورة وليس محاولة تقويضها.
| |
|